الخميس، 9 فبراير 2012

الطبيب الذي استحق لقب "رجل بأمة"

الطبيب الذي استحق لقب "رجل بأمة": عبدالرحمن السميط الطبيب الذي استحق لقب رجل بأُمة كان وما زال يحمل هم مسلمي أفريقيا وهم ما يواجه العالم الإسلامي من عمليات تنصيرية نشطة وكثيرا ما عبر عن قلقه من إهمال عامة مسلمي العالم لأحوال مسلمي أفريقيا.

الشيخ الدكتور عبد الرحمن السميط الرجل الذي وهب حياته للدعوة الإسلامية والذي هجر النعيم والراحة في سبيل رفع التكاليف عن أناس ابتلاهم الله بالجهل أو الفقر أو الجفاف، فعاش معهم وتذوق معاناتهم، هذا الرجل هو اليوم طريح الفراش أطال الله في عمره وشفاه ليعود مجددا إلى ميدان العطاء الذي ظهر لنا أنه اقترن بأنفاسه وزاد وازدهر مع تحركات أطرافه شفاه الله وعافاه.

ومع أني أجزم أن الغالبية العظمى منا تتابع حالته الصحية وندعو له بالشفاء أطال الله في عمره ورفع عنه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، إلا أني وددت التحدث عنه لعلي ألقي المزيد من الضوء على بعض الصفحات المضيئة من حياته التي يدركها القلة.

ولد شيخنا في الكويت ويذكر أنه في المرحلة الثانوية وفي بداية الستينيات الميلادية أراد وبعض أصدقائه أن يقوموا بعمل تطوعي، فقاموا بجمع مبلغ من المال من مصروفهم اليومي واشتروا سيارة، وكان يقوم أحد أفراد المجموعة بعد انتهاء دوامه بنقل العمال البسطاء إلى أعمالهم أو منازلهم دون مقابل.

وفي المرحلة الجامعية توجه إلى بغداد لدراسة الطب والجراحة، وهناك كان يخصص جزءا من مصروفه لشراء الكتيبات الإسلامية ويقوم بتوزيعها على المساجد، وعندما حصل على منحة دراسية خصص له (42) دينارا شهريا، فكان يكتفي بتناول وجبة واحدة مختارا النوم على الأرض إمعانا في الزهد الذي اختاره طواعية، وفي عام 1974م حصل على دبلوم في أمراض المناطق الحارة من جامعة (ليفربول) البريطانية، وتخصص في الأمراض الباطنية والجهاز الهضمي جامعة (ماكجل) الكندية، وأثناء هذه المرحلة كان حريصا على أن يجمع من كل طالب مسلم دولارا يوجهه لطباعة الكتيبات ومن ثم يقوم بتوصيلها إلى جنوب شرق آسيا وأفريقيا وإلى غيرها.

وعندما عاد إلى وطنه الكويت عمل أخصائيا في مستشفى الصباح في الفترة من 1980 – 1983م، وفي هذه الفترة خلط بين عمله كطبيب وعمله الخيري، إذ لم يكتف بأداء واجبه الطبي تجاه مرضاه وهو الطبيب البارع، بل كان يبادر ومن تلقاء نفسه لتفقد أحوال المرضى الخاصة وتقديم العون لهم وقضاء حوائجهم، كان هو الساعي والمبادر في تقديم العون لهم.

إلا أنه سرعان ما غير وجهته عندما أدرك خطر المجاعة محيطة بمسلمي أفريقيا وضخامة حملات التنصير التي عمدت إلى رمي شباكها حول الفقراء منهم، فقد سافر إلى أفريقيا لبناء مسجد لإحدى المحسنات الكويتيات في ملاوي، فشاهد الملايين من البشر يموتون بسبب الجوع والفقر والمرض، كما شاهد الحملات التنصيرية المنظمة التي تقدم لهم الطعام والتعليم لأبنائهم في مدارسهم التنصيرية، الهادفة بطبيعة الحال إلى تحويلهم إلى الديانة المسيحية.

وهنا اختار ترك بلاده التي أحب وترك عمله كطبيب وهو الذي أفنى زهرة شبابه ليصبح الطبيب البارع في مجاله، ترك كل ذلك طواعية وتوجه إلى القارة السمراء، وفي هذه المرحلة المبكرة لإنشاء عمل خير مضاد للحملات التنصيرية التي تعمل بنشاط لجذب المسلمين، وأخذ معه فريقا متكاملا ممن أخلصوا دينهم لله سبحانه، وهكذا كونوا عملا خيريا إنسانيا إسلاميا فريدا من نوعه في أفريقيا، فكانوا يقدمون العون الطبي والعون الإنساني يداوون المرضى ويطعمونهم، ويمدون يد العون لليتامى وللفقراء والمعوزين ولرعاية قرية مسلمة تعليميا وصحيا واجتماعيا، يحفرون آبار المياه، ويعمدون إلى بناء المدارس في محاولة منهم لحماية المسلمين من الحملات التنصيرية، وما زاد من اهتمامه ورفقائه هو إدراكهم أن ملايين المسلمين في القارة السوداء لا يعرفون عن الإسلام إلا خرافات وأساطير ليس لها أساس، وهذا ما يجعلهم وأطفالهم أرضا خصبة لنجاح العمليات التنصيرية، وهذا ما حدث بالفعل فالكثير من أطفال أفريقيا الذين درسوا في المدارس التنصيرية المجانية يعتنقون الديانة النصرانية، بينما آباؤهم وأمهاتهم كانوا من المسلمين.

الدكتور عبدالرحمن السميط الطبيب الذي استحق لقب رجل بأُمة كان وما زال يحمل هم مسلمي أفريقيا وهم ما يواجه العالم الإسلامي من عمليات تنصيرية نشطة، وكثيرا ما عبر عن قلقه من إهمال عامة مسلمي العالم لأحوال مسلمي أفريقيا وحاجتهم إلى الطعام والكساء والتعليم والصحة، بل إلى قطرة ماء، وكثيرا ما كان يحاول لفت أنظار العالم الإسلامي والخيرين منه إلى المأساة التي يتجرعها أبناء الإسلام في القارة الأفريقية، بل كان يذكر وبالأرقام ضخامة ما يقدمه النصارى في سبيل دينهم والجمعيات التنصيرية مقابل زهد بل ضآلة همة المسلمين في هذا الشأن، فقد نقل عنه أنه قال: (ما زال التنصير هو سيد الموقف، مشيرا إلى ما ذكره د. دافيد بارت خبير الإحصاء في العمل التنصيري بالولايات المتحدة من أن عدد المنصرين العاملين الآن في هيئات ولجان تنصيرية يزيدون على أكثر من 51 مليون منصر، ويبلغ عدد الطوائف النصرانية في العالم اليوم 35 ألف طائفة، ويملك العاملون في هذا المجال 365 ألف جهاز كمبيوتر لمتابعة الأعمال التي تقدمها الهيئات التنصيرية ولجانها العاملة، ويملكون أسطولا جويا لا يقل عن 360 طائرة تحمل المعونات والمواد التي يوزعونها والكتب التي تطير إلى مختلف أرجاء المعمورة بمعدل طائرة كل أربع دقائق على مدار الساعة، ويبلغ عدد الإذاعات التي يملكونها وتبث برامجها يوميا أكثر من 4050 إذاعة وتلفزيون، وأن حجم الأموال التي جمعت العام الماضي لأغراض الكنيسة تزيد على 300 مليار دولار، وحظ أفريقيا من النشاط التنصيري هو الأوفر).

هذا الشيخ والطبيب والعالم والمجاهد بسبب حضوره الواضح في مجال العمل الدعوي الإسلامي في قارة أفريقيا عرض حياته لأكثر من مرة للخطر فتعددت محاولات الاغتيال التي قام بها مناوئون له وللإسلام، فنجاه الله بعظيم فضله، هذا الشيخ والدكتور نال العديد من الأوسمة والشهادات التقديرية، ومن أهم هذه الجوائز كانت "جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام" فجعل قيمة الجائزة وهي (750 ألف ريال سعودي) وقفا لتعليم أبناء أفريقيا. رحمه الله وشفاه ليعود إلينا كما كان منارا للخير والدعوة الإسلامية، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وليتنا لا ننسى بر هذا الشيخ في إسعاده وهو متحقق في دعم "جمعية العون المباشر" الذي يتولى حفظه الله منصب أمينها العام والمتخصصة في رعاية مسلمي أفريقيا من الناحية الصحية والاجتماعية والتعليمية.




الطبيب الذي استحق لقب "رجل بأمة"

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام

- تم الإرسال باستخدام شريط أدوات Google

ليست هناك تعليقات: